🎀بَابُ صَوْمِ التَّطوُّع🎀ِ
🔮الترجمة «صوم التطوع» مع أن المؤلف ذكر في هذا الباب صوم التطوع، والصوم المحرم، والصوم المكروه، وحكم الخروج من الواجب، وليلة القدر، فذكر عدة أشياء، فيقال: إن هذا من باب الاكتفاء بالبعض عن الكل، وليس بلازم أن تكون الترجمة شاملة لجميع الموضوع.
🌿قوله: «باب صوم التطوع» «صوم» مضاف، و«التطوع» مضاف إليه، والإضافة هنا لبيان النوع، وذلك أن 📌الصيام نوعان: فريضة وتطوع وكلاهما بالمعنى العام يسمى تطوعاً، فإن التطوع: فعل الطاعة، لكنه يطلق غالباً عند الفقهاء على الطاعة التي ليست بواجبة، ولا مشاحة في الاصطلاح، فإذا كان الفقهاء ـ رحمهم الله ـ جعلوا التطوع في مقابل الواجب فهذا اصطلاح ليس فيه محظور شرعي، إذاً فصوم التطوع هو الصوم الذي ليس بواجب.
واعلم أن من رحمة الله وحكمته أن جعل للفرائض ما يماثلها من التطوع؛ وذلك من أجل ترقيع الخلل الذي يحصل في الفريضة من وجه، ومن أجل زيادة الأجر والثواب للعاملين من وجه آخر؛ لأنه لولا مشروعية هذه التطوعات لكان القيام بها بدعة وضلالة، وقد جاء في الحديث أن التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة
♨ إن صوم التطوع سرده المؤلف سرداً عاماً بدون تفصيل، ولكنه ينقسم في الواقع إلى قسمين: تطوع مطلق وتطوع مقيد.
والمقيد أوكد من التطوع المطلق، كالصلاة أيضاً، فإن التطوع المقيد منها أفضل من التطوع المطلق.
🎀صيام أيام البيض🎀
💌وهذه الثلاثة تغني عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، التي قال فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله» [(446)]؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثة أيام بثلاثين حسنة عن شهر، وكذلك الشهر الثاني والثالث، فيكون كأنما صام السنة كلها، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، تقول عائشة: «لا يبالي هل صامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره» [(447)] وأمر بها النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة من أصحابه، أبو هريرة وأبو الدرداء وأبو ذر[(448)]،
🔮 فعندنا أمران:
📌الأمر الأول: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء أكانت في أول الشهر، أم في وسطه، أم في آخره، وسواء أكانت متتابعة أم متفرقة.
📌الأمر الثاني: أنه ينبغي أن يكون الصيام في أيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فتعيينها في أيام البيض تعيين أفضلية كتعين الصلاة في أول وقتها، أي: أنَّ أفضل وقت للأيام الثلاثة هو أيام البيض، ولكن من صام الأيام الثلاثة في غير أيام البيض حصل على الأجر، وهو أجر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، لا صيام أيام البيض، وحصل له صيام الدهر.
🌿وَالاثْنَيْنِ والخَمِيسِ،............
〰قوله: «والاثنين والخميس» أي ويسن صيام الاثنين والخميس.
وصوم الاثنين أوكد من الخميس، فيسن للإنسان أن يصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
وقد علل النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك: «بأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله ـ عزّ وجل ـ، قال: فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» [(449)]، وهذا الحديث اختلف المحدثون فيه فمنهم من ضعفه وقال: لا تقوم به حجة، ومنهم من قال: إنه صحيح كابن خزيمة، ومنهم من سكت عنه فلم يحكم له باضطراب ولا تصحيح، وعلى كل حال فإن الفقهاء اعتبروه واستشهدوا به، واستدلوا به.
🌷وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويعثت فيه أو أنزل علي فيه» [(450)] فبين الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن صيام يوم الاثنين مطلوب، وعلى هذا فيسن صيام يومين من كل أسبوع، هما يوم الاثنين والخميس.
🌷وأما صيام يوم الثلاثاء والأربعاء فليس بسنة على التعيين، وإلا فهو سنة مطلقة، يسن للإنسان أن يكثر من الصيام، لكن لا نقول يسن أن تصوم يوم الثلاثاء، ولا يسن أن تصوم يوم الأربعاء، ولا يكره ذلك.
🌷وأما الجمعة فلا يسن صوم يومها، ويكره أن يفرد صومه، والدليل على ذلك:
📌1 ـ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده» [(451)].
📌2 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم لإحدى أمهات المؤمنين وكانت صامت يوم جمعة: «أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري» [(452)] فدل ذلك على أن يوم الجمعة لا يفرد بصوم، بل قد ورد النهي عن ذلك.
📌3 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام» [(453)].
🌷وأما السبت فقيل: إنه كالأربعاء 🌷والثلاثاء يباح صومه.
وقيل: إنه لا يجوز إلا في الفريضة.
وقيل: إنه يجوز لكن بدون إفراد.
والصحيح أنه يجوز بدون إفراد، أي: إذا صمت معه الأحد، أو صمت معه الجمعة، فلا بأس، والدليل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم لزوجته «أتصومين غداً؟» أي: السبت.
وأما الحديث الذي رواه أبو داود: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر» [(454)] يعني فليأكله، فهذا الحديث مختلف فيه هل هو صحيح أو ضعيف؟ وهل هو منسوخ أو غير منسوخ[(455)]؟ وهل هو شاذ أو غير شاذ؟ وهل المراد بذلك إفراده دون جَمْعِهِ إلى الجمعة أو الأحد؟ وسبق بيان القول الصحيح أن المكروه إفراده، لكن إن أفرده لسبب فلا كراهة، مثل أن يصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء، إذا لم نقل بكراهة إفراد يوم عاشوراء.
🌷وأما الأحد: فبعض العلماء استحب أن يصومه الإنسان.
وكرهه بعض العلماء.
أما من استحبه فقال: إنه يوم عيد للنصارى، ويوم العيد يكون يوم أكل وسرور وفرح، فالأفضل مخالفتهم، وصيام هذا اليوم فيه مخالفة لهم.
وأما من كره صومه فقال: إن الصوم نوع تعظيم للزمن، وإذا كان يوم الأحد يوم عيد للكفار فصومه نوع تعظيم له، ولا يجوز أن يُعظم ما يعظمه الكفار على أنه شعيرة من شعائرهم.
♨والخلاصة أن الثلاثاء والأربعاء حكم صومهما الجواز، لا يسن إفرادهما ولا يكره، والجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها، وإفراد الجمعة أشد كراهة لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس، وأما الاثنين والخميس فصومهما سنة.
🔮قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: والأفضل أن تكون هذه الست بعد يوم العيد مباشرة؛ لما في ذلك من السبق إلى الخيرات.
والأفضل أن تكون متتابعة؛ لأن ذلك أسهل غالباً؛ ولأن فيه سبقاً لفعل هذا الأمر المشروع.
فعليه يسن أن يصومها في اليوم الثاني من شوال ويتابعها حتى تنتهي، وهي ستنتهي في اليوم الثامن، من شهر شوال، وهذا اليوم الثامن يسميه العامة عيد الأبرار، أي: الذين صاموا ستة أيام من شوال.
ولكن هذا بدعة فهذا اليوم ليس عيداً للأبرار، ولا للفجار.
ثم إن مقتضى قولهم، أن من لم يصم ستة أيام من شوال ليس من الأبرار، وهذا خطأ، فالإنسان إذا أدى فرضه فهذا بَرُّ بلا شك، وإن كان بعض البر أكمل من بعض.
〰ثم إن السنة أن يصومها بعد انتهاء قضاء رمضان لا قبله، فلو كان عليه قضاء ثم صام الستة قبل القضاء فإنه لا يحصل على ثوابها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من صام رمضان» ومن بقي عليه شيء منه فإنه لا يصح أن يقال إنه صام رمضان؛ بل صام بعضه، وليست هذه المسألة مبنيّة على الخلاف في صوم التطوع قبل القضاء؛ لأن هذا التطوع أعني صوم الست قيده النبي صلّى الله عليه وسلّم بقيد وهو أن يكون بعد رمضان، وقد توهم بعض الناس فظن أنه مبني على الخلاف في صحة صوم التطوع قبل قضاء رمضان، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك، وبينا أن الراجح جواز التطوع وصحته، ما لم يضق الوقت عن القضاء.
📛تنبيه: لو أخر صيام الست من شوال عن أول الشهر ولم يبادر بها، فإنه يجوز لقوله صلّى الله عليه وسلّم «ثم أتبعه ستاً من شوال» فظاهره أنه ما دامت الست في شوال، ولو تأخرت عن بداية الشهر فلا حرج، لكن المبادرة وتتابعها أفضل من التأخير والتفريق، لما فيه من الإسراع إلى فعل الخير، ويستثنى من قول المؤلف «ستاً من شوال» يستثنى يوم العيد لأنه لا يجوز صومه.
🎀مسألة: لو لم يتمكن من صيام الأيام الستة في شوال لعذر كمرض أو قضاء رمضان كاملاً حتى خرج شوال، فهل يقضيها ويكتب له أجرها أو يقال هي سنة فات محلها فلا تقضى؟
🎈الجواب: يقضيها ويكتب له أجرها كالفرض إذا أخره عن وقته لعذر، وكالراتبة إذا أخرها لعذر حتى خرج وقتها، فإنه يقضيها كما جاءت به السنة.
♨فائدة: كره بعض العلماء صيام الأيام الستة كل عام مخافة أن يظن العامة أن صيامها فرض، وهذا أصل ضعيف غير مستقيم لأنه لو قيل به لزم كراهة الرواتب التابعة للمكتوبات، أن تصلى كل يوم وهذا اللازم باطل وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم والمحذور الذي يخشى منه يزول بالبيان.
🔮وَيُكْرَهُ إِفرَادُ رَجَبٍ، والجُمُعَةِ، وَالسَّبْتِ، والشَّكِ............
🌿قوله: «ويكره إفراد رجب» يعني بالصوم.
عللوا هذا بأنه من شعائر الجاهلية، وأن أهل الجاهلية هم الذين يعظمون هذا الشهر، أما السنة فلم يرد في تعظيمه شيء، ولهذا قالوا: إن كل ما يروى في فضل صومه، أو الصلاة فيه من الأحاديث فكذب باتفاق أهل العلم بالحديث، وقد ألف ابن حجر ـ رحمه الله ـ رسالة صغيرة في هذا وهي «تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب».
🌿ويؤخذ من قوله: «إفراد رجب» أنه لو صامه مع غيره، فلا يكره؛ لأنه إذا صام معه غيره لم يكن الصيام من أجل تخصيص رجب، فلو صام شعبان ورجباً فلا بأس، ولو صام جمادى الآخرة ورجباً فلا بأس.
🌿قوله: «والجمعة» أي يكره إفراد الجمعة والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده» [(478)] وقال: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام» [(479)] وقال لإحدى أمهات المؤمنين، وقد وجدها صائمة يوم الجمعة: «أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري» [(480)] فإن صامها مع غيرها فلا يكره، فلو صام الخميس والجمعة فلا بأس، أو الجمعة والسبت فلا بأس.
💌وإن صامها وحدها لا للتخصيص، لكن لأنه وقت فراغه كرجل عامل يعمل كل أيام الأسبوع، وليس له فراغ إلا يوم الجمعة، فهل يكره؟
📌الجواب: عندي فيه تردد، فإن نظرنا إلى ما رواه مسلم: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام» قلنا: لا بأس؛ لأن هذا لم يخصه، وإن نظرنا إلى حديث «أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري» فإن هذا قد يؤخذ منه أنه يكره إفرادها، وإن كان في الأيام الأخرى لا يستطيع، وقد لا يؤخذ منه، فيقال: إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أصمت أمس؟ أو أتصومين غداً؟» يدل على أنها قادرة على الصوم.
:
صوم ست من شوال💌
قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: والأفضل أن تكون هذه الست بعد يوم العيد مباشرة؛ لما في ذلك من السبق إلى الخيرات.
والأفضل أن تكون متتابعة؛ لأن ذلك أسهل غالباً؛ ولأن فيه سبقاً لفعل هذا الأمر المشروع.
فعليه يسن أن يصومها في اليوم الثاني من شوال ويتابعها حتى تنتهي، وهي ستنتهي في اليوم الثامن، من شهر شوال، وهذا اليوم الثامن يسميه العامة عيد الأبرار، أي: الذين صاموا ستة أيام من شوال.
ولكن هذا بدعة فهذا اليوم ليس عيداً للأبرار، ولا للفجار.
📛ثم إن مقتضى قولهم، أن من لم يصم ستة أيام من شوال ليس من الأبرار، وهذا خطأ، فالإنسان إذا أدى فرضه فهذا بَرُّ بلا شك، وإن كان بعض البر أكمل من بعض.
🔮ثم إن السنة أن يصومها بعد انتهاء قضاء رمضان لا قبله، فلو كان عليه قضاء ثم صام الستة قبل القضاء فإنه لا يحصل على ثوابها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من صام رمضان» ومن بقي عليه شيء منه فإنه لا يصح أن يقال إنه صام رمضان؛ بل صام بعضه، وليست هذه المسألة مبنيّة على الخلاف في صوم التطوع قبل القضاء؛ لأن هذا التطوع أعني صوم الست قيده النبي صلّى الله عليه وسلّم بقيد وهو أن يكون بعد رمضان، وقد توهم بعض الناس فظن أنه مبني على الخلاف في صحة صوم التطوع قبل قضاء رمضان، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك، وبينا أن الراجح جواز التطوع وصحته، ما لم يضق الوقت عن القضاء.
♨تنبيه: لو أخر صيام الست من شوال عن أول الشهر ولم يبادر بها، فإنه يجوز لقوله صلّى الله عليه وسلّم «ثم أتبعه ستاً من شوال» فظاهره أنه ما دامت الست في شوال، ولو تأخرت عن بداية الشهر فلا حرج، لكن المبادرة وتتابعها أفضل من التأخير والتفريق، لما فيه من الإسراع إلى فعل الخير، ويستثنى من قول 🌿المؤلف «ستاً من شوال» يستثنى يوم العيد لأنه لا يجوز صومه.
🎀مسألة: لو لم يتمكن من صيام الأيام الستة في شوال لعذر كمرض أو قضاء رمضان كاملاً حتى خرج شوال، فهل يقضيها ويكتب له أجرها أو يقال هي سنة فات محلها فلا تقضى؟
📌الجواب: يقضيها ويكتب له أجرها كالفرض إذا أخره عن وقته لعذر، وكالراتبة إذا أخرها لعذر حتى خرج وقتها، فإنه يقضيها كما جاءت به السنة.
♨فائدة: كره بعض العلماء صيام الأيام الستة كل عام مخافة أن يظن العامة أن صيامها فرض، وهذا أصل ضعيف غير مستقيم لأنه لو قيل به لزم كراهة الرواتب التابعة للمكتوبات، أن تصلى كل يوم وهذا اللازم باطل وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم والمحذور الذي يخشى منه يزول بالبيان.
♨فالحاصل أنه إذا أفرد يوم الجمعة بصوم لا لقصد الجمعة، ولكن لأنه اليوم الذي يحصل فيه الفراغ، فالظاهر إن شاء الله أنه لا يكره، وأنه لا بأس بذلك.
🌿قوله: «والسبت» أي: يكره إفراده، لحديث «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم» [(481)] فيحمل إن صح على النهي عن إفراده، وأما جمعه، مع الجمعة، فلا بأس؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لجويرية: «أتصومين غداً؟» فدل هذا على أن صومه مع الجمعة لا بأس به، وهذه 🎀المسألة قد يلغز بها فيقال: يومان إن أفرد أحدهما بالصوم كره، وإن اجتمعا فلا كراهة؟ مع أن الذي يتبادر أن المكروه إذا ضم إلى مكروه ازدادت الكراهة، لكن هذا إذا ضم المكروه إلى مكروه زالت الكراهة، فيجاب أن الكراهة هي الإفراد، فإذا صام الجميع فلا كراهة، فإن قيل حديث النهي عن صوم السبت عام ليس فيه تفصيل، فالجواب أنه إذا ورد ما يخصص العام وجب العمل به، وقد ورد ما يدل على جواز صومه مع الجمعة وهذا تخصيص.
نازلة
الغسول المهبلي.
والمقصود بالغسول المهبلي هو ما يكون من محاليل مطهرة أو علاجيةتتعاطاها المرأة عن طريق الفرج (القبل) هذا الغسول المهبلي محل خلاف بين أهل العلم مبني على خلاف قديم لأهل العلم قديماً فيما إذا أدخلت المرأة مائعاً في فرجها هل يحصل الفطر لها بذلك أو لا يحصل؟ فأهل العلم قديماً اختلفوا في ذلك بناءً علىاختلافهم في هل الفرج يعد منفذا إلى الجوف أو لا ؟ تعرفون أن كثيراً من هذه الأمورلم يجزم بها ويقطع بها إلا بعد تطور علم الطب والتشريح أما في السابق من المعروف أنالميت له حرمة لهذا لم يكن مثل ذلك متاحاً للفقهاء الأقدمين فمن أهل العلم قديماًمن قال إنه يفطر به لأن هذا منفذ إلى الجوف وبتالي يحصل الفطر به ومن أهل العلم منقال إن هذا لا يعد منفذا إلى الجوف وبتالي لا يحصل الفطر به وفي العلم الحديث أنهذا لا يعد منفذا إلى الجوف ولا يصل مطلقاً وليس هناك قناة بين الفرج وبين المعدةوبتالي فإن هذا الغسول ليس أكلاً ولا شرباً ولا مما يحصل الفطر به بالنص ولا في معنى ما ورد النص بالفطر به ولهذا اتخذ مجمع الفقه الإسلامي قراراً بالإجماع بأن الغسول المهبلي لا يعد مفطراً للصيام .
التحاميل المهبلية والمنظار المهبلي وأدوات الفحص المهبلية وكل ذلك المقصود به ما تحتاجه المرأة في العلاج سواءً كانذلك بالتحاميل التي تعطى للمرأة كمواد علاجية أو كان بالمنظار المهبلي الذي يكون لأغراض علاجية أو تشخيصية أو كان ذلك بالأدوات التي يفحص بها في فرج المرأة وفيقبلها وهذه الأدوات الثلاث أو النوازل الثلاث إذا قلنا إن الغسول المهبلي لا يحصل الفطر به فهذه مثلها أو أولى منها فلا يحصل الفطر بهذه التحاميل ولا بالمنظار ولابأدوات الفحص لأنها ليست مما ورد النص بالفطر به ولا في معنى المنصوص ولهذا اتخذمجمع الفقه الإسلامي قراراً بالإجماع بأن هذه الأمور لا يحصل الفطر بها
: 🌿قوله: «والشك» أي: يكره صوم يوم الشك، ويوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال كغيم وقتر.
وقيل: هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت السماء صحواً.
🎈والأول أرجح؛ لأنه إذا كانت السماء صحواً وتراءى الناس الهلال ولم يروه لم يبق عندهم شك أنه لم يهل، والشك يكون إذا كان هناك ما يمنع رؤية الهلال، ولكن لما كان فقهاؤنا ـ رحمهم الله ـ يرون أنه إذا كان ليلة الثلاثين، وحال ما يمنع رؤيته من غيم أو قتر يجب صومه، حملوا الشك على ما إذا كانت السماء صحواً، وهذه آفة يلجأ إليها بعض العلماء، وسبب هذه الآفة أن الإنسان يعتقد قبل أن يستدل، وهذا خطأ، والواجب أن تجعل اعتقادك تابعاً للدليل، فتستدل أولاً، ثم تحكم ثانياً.
🎈فالأرجح أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأما إذا كانت السماء صحواً فلا شكَّ.
وهل صومه مكروه كما قال المؤلف أو محرم؟
♨الجواب: في هذا خلاف بين العلماء:
القول الأول: أنه محرم.
القول الثاني: أنه مكروه.
والصحيح أن صومه محرم إذا قصد به الاحتياط لرمضان ودليل ذلك:
📌1 ـ قول عمار بن ياسر رضي الله عنهما: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم» [(482)].
📌2 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه» [(483)].
📌3 ـ ولأنه نوع من التعدي لحدود الله، فإن الله يقول في كتابه: {{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}} [البقرة: 185] ، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا رأيتموه فصوموا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» [(484)].
مسألة:
عددي بعض أعياد الكفار وما حكم صومهامع التعليل لذلك؟
بعض أعياد الكفار:-
⚡️يوم النيروز.
⚡️يوم المهرجان.
⚡️عيد المائدة.
⚡️عيد الفصح.
⚡️عيد النور.
⚡️العيد الكبير.
حكم الصيام فيها:-
☔️يكره الصوم فيها؛ لئلا يوافق الكفار في تعظيمها.
♻العلماء ـ رحمهم الله ـ أجمعوا على أن صومهما محرم، فلا يجوز لإنسان أن يصوم يوم العيدين.
ولكن لو أن العيد كان عندنا هنا، وكان في شرق آسيا مثلاً ليس يوم العيد، فهل يحرم عليهم الصوم؟
〰الجواب: نقول على مذهب من يرى أنه إذا ثبتت الرؤية في مكان من الأرض بطريق شرعي، فهي للجميع يكون صوم الذين في شرق آسيا حراماً؛ لأن هذا اليوم يوم عيد لهم، وإذا قلنا إن كل قوم لهم رؤيتهم وهم لم يروه ونحن رأيناه، فإنه لا يحرم عليهم، ويحرم علينا نحن.
🔖قوله: «ولو في فرض» أي: ولو كان في فرض، فإنه يحرم أن يصوم يومي العيدين، فلو كان على الإنسان قضاء من رمضان، وقال: أحب أن أبدأ بالقضاء من أول يوم من شوال، قلنا: هذا حرام، ولو أنه نذر أن يصوم يوم الاثنين فصادف يوم العيد، فإنه حرام عليه.
🔖قوله: «وصيام أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران» أي: يحرم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيها: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عزّ وجل» [(487)] وهذا يدل على أن هذه الأيام لا تصلح أن تكون أيام إمساك، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله، وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر هي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وهذه الأيام تسمى أيام التشريق؛ لأن الناس كانوا يشرقون فيها اللحم، أي: يقددونه، ثم ينشرونه في الشمس من أجل أن ييبس حتى لا يتعفن، ويفسد.
🔮وقوله: «إلا عن دم متعة وقران» أي: فيجوز صيامها فإذا حج الإنسان وكان متمتعاً، والمتمتع هو الذي يأتي بالعمرة أولاً في أشهر الحج، ثم يحل، ويأتي بالحج في عامه بعد ذلك، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، والقارن كالمتمتع، وهو الذي يحرم بالعمرة والحج جميعاً، فيقول: لبيك عمرة وحجاً، أو يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع من الحج.
🌿ودم المتعة والقران إذا لم يجدهما الحاج، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وتبتدئ هذه الأيام الثلاثة في حين الإحرام بالعمرة، ولو كان قبل شهر ذي الحجة، فإذا كان متمتعاً وأحرم بالعمرة في آخر ذي القعدة، وهو يعلم أنه لن يجد الهدي، لأنه ليس معه دراهم، فله أن يصوم.
🔮فإن قيل: كيف يصوم في العمرة والآية الكريمة يقول الله فيها {{ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}} [البقرة: 196] ؟
فالجواب، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «دخلت العمرة في الحج» [(488)].
وينتهي صوم الثلاثة بآخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فإذا لم يصم قبل ذلك، فإنه يصوم الأيام الثلاثة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر.
ودليل ذلك حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي» [(489)] وقول الصحابي لم يرخص، أو رخص لنا، أو ما أشبه ذلك يعتبر مرفوعاً حكماً.
مسألة:
: اختلف الفقهاء في حكم صوم أعياد الكفار.
فقيل: بالكراهة؛ لأن ذلك يعطي الكفار قوة؛ حيث يقولون: هؤلاء المسلمون يعظمون أعيادنا!
وقيل: بعدم الكراهة؛ لأن الصوم ضد الفطر، وفي الفطر فرح وسرور، فكأنه يقول للكفار: أنتم تبتهجون بهذا اليوم، ونحن نقابلكم بالصوم والإمساك.
والأولى أن يقال بالكراهة، وألا نهتم بأعياد الكفار، إلا على سبيل التحذير منها
🌿قوله: «ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه» .
🎌الواجبات ثلاثة أقسام: موسعة، ومضيقة من أصل المشروعية، ومضيقة تضييقاً طارئاً، مثال التضييق الطارئ لو لم يبق على طلوع الشمس إلا مقدار ما يصلي صلاة الفجر، فيكون الوقت مضيقاً فإذا شرع في صلاة الفجر فلا يجوز قطعها.
كذلك قضاء رمضان موسع فإذا لم يبق بينه وبين رمضان إلا مقدار الأيام التي عليه صار مضيقاً.
🌿وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ مُوَسَّعٍ حَرُمَ قَطْعُهُ. وَلاَ يَلْزَمُ فِي النَّفلِ، وَلاَ قَضَاءُ فَاسِدِهِ.......
🎌وقوله: «ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه» أي: من شرع في فرض موسع، فإنه يحرم عليه قطعه، ويلزمه إتمامه إلا لعذر شرعي.
مثال ذلك: لما أذن لصلاة الظهر قام يصلي الظهر، ثم أراد أن يقطع الصلاة، ويصلي فيما بعد؛ فإنه لا يحل له ذلك، مع أن الوقت موسع إلى العصر؛ لأنه واجب شرع فيه، وشروعه فيه يشبه النذر، فيلزمه أن يتم.
〰ومن دخل في فرض مضيق حرم قطعه من باب أولى، فلو دخل في الصلاة، ولم يبق في الوقت إلا مقدار ركعات الصلاة حرم عليه القطع من باب أولى؛ لأنه إذا حرم القطع في الموسع ففي المضيق من باب أولى.
لكن يستثنى ما إذا كان لضرورة، مثل أن يشرع الإنسان في الصلاة، ثم يضطر إلى قطعها لإطفاء حريق، أو إنقاذ غريق، أو ما أشبه ذلك ففي هذه الحال له أن يقطع الصلاة.
وهل يجوز أن يقطع الفرض ليأتي بما هو أكمل، مثل: أن يشرع في الفريضة منفرداً، ثم يحس بجماعة دخلوا ليصلوا جماعة فيقطعها من أجل أن يدخل في الجماعة؟
🔮الجواب: نعم، له ذلك؛ لأن هذا الرجل لم يعمد إلى معصية الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم بقطع الفريضة، ولكنه قطعها ليأتي بها على وجه أكمل فهو لمصلحة الصلاة في الواقع، فلهذا قال العلماء في مثل هذه الحال له أن يقطعها لما هو أفضل.
〰وربما يستدل لذلك بقصة الرجل الذي أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة وقال: يا رسول الله «إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي ركعتين في بيت المقدس، قال: صلِّ هاهنا، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فقال: شأنك» [(490)]، فأذن له بالصلاة في مكة؛ لأنها أفضل، وإن كان ذهابه لبيت المقدس فيه نوع من المشقة والتعب، ولكن تَقَصُّد التعبِ في العبادة ليس بمشروع لقوله تعالى: {{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}} [النساء: 147] ، لكن إذا كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب كانت أفضل، وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهي هل تقصد التعب في العبادة أفضل أم الراحة؟
🔮الجواب الراحة أفضل، لكن لو كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب والمشقة كان القيام بها مع التعب والمشقة أعظم أجراً؛ ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا: «إسباغ الوضوء على المكاره» [(491)]، ولكن لا نقول للإنسان إذا كان يمكنك أن تسخن الماء، فالأفضل أن تذهب إلى الماء البارد ولا تسخنه لا نقول هذا، ما دام الله يسر عليك، فيسر على نفسك.
🌿قوله: «ولا يلزم في النفل» أي: لا يلزم الإتمام في النفل؛ ودليل ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دخل على أهله ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟ قالوا: نعم عندنا حيس، قال: أرينيه ـ يقوله لعائشة ـ فلقد أصبحت صائماً، فأرته إياه فأكل»[(492)] وقال: «إنما مثل الصوم أو قال صوم النفل كمثل الصدقة يخرجها الرجل من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء ردها» [(493)] وهذا الصوم نفل، فقطعه النبي صلّى الله عليه وسلّم وأكل، فدل هذا على أن النفل أمره واسع للإنسان أن يقطعه، ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أن يقطعه إلا لغرض صحيح.
🎈ومنه إذا دعيت إلى وليمة وأنت صائم فإنك تدعو ولا تأكل لكن إن جبرت قلب صاحبك فإنك تأكل، ومعنى ذلك أنك ألغيت الصوم لكن خروجك من الصوم هنا لغرض صحيح، وهو جبر قلب أخيك المسلم.
🎈ولو أن رجلاً واعد جماعة في مسجد، ثم حضر إلى المسجد فإذا هم لم يحضروا فقام يصلي نفلاً فحضروا فله أن يقطع النفل، ومثله رجل عيَّن دراهم معينة لفلان الفقير، يريد أن يتصدق بها عليه، فيجوز أن يعدل عن ذلك ما دام أنه لم يقبضها الفقير فهي ملكه، إن شاء أمضاها وإن شاء لم يمضها.
📛وبهذا نعرف خطأ ما يفعله بعض العامة، يكون قد اعتاد أن يؤدي فطرته لشخص معين، فيحجزها له حتى إنه في بعض الأحيان يفوت وقت الدفع وهو حاجزها له، فنقول: حتى لو نويتها لفلان فإذا جاء وقت الدفع فعليك أن تدفعها إلى غيره.
واستدلوا لقولهم بالآتي:
1 ـ بعموم قوله تعالى: {{وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}} [محمد: 33] .
2 ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ: «لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل» [(494)] فإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم انتقده لترك قيام الليل، فكيف بمن تلبس بالنافلة فإنّ انتقاده إذا تركها من باب أولى؟ ولهذا نقول للإنسان إذا شرع في النافلة: لا تقطعها إلا لغرض صحيح.
🔖وهل من الغرض الصحيح إذا دخل في صلاة النافلة، فنادته أمه أن يرد عليها، فيقطع الصلاة؟
〰الجواب: فيه تفصيل: إذا كانت الأم إذا علمت أنه في صلاة فلا ترضى أن يقطعها، بل تحب أن يمضي في صلاته، فهنا لا يقطعها؛ لأنه لو قطع الصلاة، وقال لأمه: أنا قطعت الصلاة من أجلك، قالت: لِمَ قطعتها؟
أما إذا كانت ممن لا يعذر في مثل هذه الحال؛ لأن بعض النساء، لا يعذرن في مثل هذه الحال، ففي هذه الحال نقول: اقطعها.
📛أما لو ناداه الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهذه المسألة لا ترد الآن، لكن فرضها نظرياً وعلمياً، فيجب عليه أن يقطع الصلاة لقول الله سبحانه وتعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}} [الأنفال: 24] .
♻ولكن لو قال قائل: إن الآية فيها {{إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}} فلا بد أن نعلم أنه دعانا لشيء ينفعنا؟
📌فالجواب: أن هذا القيد ليس قيد احتراز، ولكنه قيد لبيان الواقع، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يدعونا إلا لما فيه حياتنا، ومثل هذا القيد أعني القيد الذي لبيان الواقع، يكون كالتعليل للحكم فكأنه قال هنا؛ لأنه لا يدعوكم إلا لما يحييكم.
🌿قوله: «ولا قضاء فاسده» أي: لو فسد النفل فإنه لا يلزمه القضاء، مثال ذلك:
رجل صام تطوعاً ثم أفسد الصوم بأكل، أو بشرب، أو جماع، أو غير ذلك، فإنه لا يلزمه القضاء، لأنه لو وجب القضاء لوجب الإتمام، فإذا كان لا يجب الإتمام؛ فإنه لا يجب القضاء من باب أولى.
وإن شرع في صوم منذور، فهل يجوز قطعه؟
الجواب: لا؛ لأنه واجب، فإن قطعه لزمه القضاء
مسألة
ماحكم المضي في فاسد الحج والعمرة إن كانتا نفﻻ؟
🌿قوله: «إلا الحج» أي: إلا الحج فإنه يلزمه إتمامه، ولو كان نفلاً، ويجب قضاء فاسده، ولو كان نفلاً لقوله تعالى: {{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ}} [البقرة: 196] وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج؛ لأنها نزلت في السنة السادسة في الحديبية، والحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة، ومع هذا أمر الله بإتمامهما مع أنهما نفل لم يفرضا بعد، ودلت السنة على وجوب قضائه.
🔖والحكمة من ذلك أن الحج والعمرة لا يحصلان إلا بمشقة، ولا سيما فيما سبق من الزمن، ولا ينبغي للإنسان بعد هذه المشقة أن يفسدهما؛ لأن في ذلك خسارة كبيرة، بخلاف الصلاة، أو الصوم، أو ما أشبه ذلك.
وقوله: «إلا الحج» لم يذكر المؤلف العمرة، فهل هذا من باب الاكتفاء، أو هناك قول آخر بأن العمرة لا يلزم إتمامها.
〰الجواب: الظاهر أنه من باب الاكتفاء، والعمرة تسمى حجاً أصغر كما في حديث عمرو بن حزم المشهور المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول وفيه: «العمرة الحج الأصغر» [(495)] وعليه فالعمرة مثل الحج إذا شرع في نفلها لزمه الإتمام، وإن أفسده لزمه القضاء.
🎀مسألة إذا فسد الحج وهو نفل، فهل يلزمه أن يقضيه؟
〰الجواب: نعم؛ لأن قوله: «إلا الحج» مستثنى من قوله: «ولا يلزم في النفل ولا قضاء فاسده إلا الحج» وعلى هذا فلو أن الرجل أحرم بالعمرة، وفي أثناء العمرة جامع زوجته فإنه يلزمه المضي في هذه العمرة، ثم القضاء؛ لأنه أفسدها بالجماع، فإن فعل محظوراً فهل تفسد العمرة؟
〰الجواب: لا؛ لأنه لا يُفسد العمرة ولا الحج من المحظورات، إلا الجماع قبل التحلل الأوّل، وهذا والذي قبله مما يخالف فيه الحج والعمرة بقية العبادات.
: 🌙🌙ليلة القدر🌙🌙
اختلف العلماء في تعيينها على أكثر من أربعين قولاً، ذكرها الحافظ ابن حجر في شرح البخاري.
🎌وفي ليلة القدر مباحث:
1⃣المبحث الأول: هل هي باقية أو رفعت؟
〰الجواب: الصحيح بلا شك أنها باقية، وما ورد في الحديث أنها رفعت، فالمراد رفع علم عينها في تلك السنة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رآها ثم خرج ليخبر بها أصحابه فتلاحى رجلان فرفعت[(496)]، هكذا جاء الحديث.
2⃣المبحث الثاني: هل هي في رمضان، أو غيره؟
〰الجواب: لا شك أنها في رمضان وذلك لأدلة منها:
أولاً: قوله تعالى: {{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}} [البقرة: 185] ، فالقرآن أنزل في شهر رمضان، وقد قال الله ـ تعالى ـ {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *}} [القدر] ، فإذا ضممت هذه الآية إلى تلك تعين أن تكون ليلة القدر في رمضان، لأنها لو كانت في غير رمضان ما صح أن يقال: {{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}}.
وهذا دليل مركب، والدليل المركب لا يتم الاستدلال به إلا بضم كل دليل إلى الآخر، والأدلة المركبة لها أمثلة منها هذا المثال.
ومنها أقل مدة الحمل الذي إذا ولد عاش حياً، هي ستة أشهر، علمنا ذلك من قوله تعالى: {{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}} [الأحقاف: 15] وقال في آية أخرى {{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}} [لقمان: 14] فإذا أسقطنا العامين من ثلاثين شهراً بقي ستة أشهر فتكون مدة الحمل.
3⃣المبحث الثالث: في أي ليلة من رمضان تكون ليلة القدر.
〰الجواب: القرآن لا بيان فيه؛ في تعيينها، لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخر من رمضان، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم «اعتكف العشر الأولى من رمضان، يريد ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل: إنها في العشر الأواخر، وأريها صلّى الله عليه وسلّم، وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان، وكان معتكفاً صلّى الله عليه وسلّم فأمطرت السماء فوكف المسجد ـ أي: سال الماء من سقفه ـ وكان سقف مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم من جريد النخل فصلى الفجر صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه، ثم سجد على الأرض، قال أبو سعيد: فسجد في ماء وطين حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته» [(497)] فتبيَّن بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين.
وأري جماعة من أصحابه ليلة القدر في السبع الأواخر فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر» أي اتفقت «فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر» ، وعلى هذا فالسبع الأواخر أرجى العشر الأواخر، إن لم يكن المراد بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر» [(498)] أي في تلك السنة، فهذا محتمل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعتكف العشر الأواخر كلها إلى أن مات، فيحتمل أن يكون معنى قوله «أرى رؤياكم قد تواطأت» أي: في تلك السنة بعينها، لم تكن ليلة القدر إلا في السبع الأواخر، وليس المعنى في كل رمضانٍ مستقبلٍ تكون في السبع الأواخر، بل تبقى في العشر الأواخر كلها.
: 4⃣المبحث الرابع: هل ليلة القدر في ليلة واحدة كل عام أو تنتقل؟
↕في هذا خلاف بين العلماء.
والصحيح أنها تتنقّل فتكون عاماً ليلة إحدى وعشرين، وعاماً ليلة تسع وعشرين، وعاماً ليلة خمس وعشرين، وعاماً ليلة أربع وعشرين، وهكذا؛ لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول، لكن أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين، ولا تتعين فيها كما يظنه بعض الناس، فيبني على ظنه هذا، أن يجتهد فيها كثيراً ويفتر فيما سواها من الليالي.
والحكمة من كونها تتنقل أنها لو كانت في ليلة معينة، لكان الكسول لا يقوم إلا تلك الليلة، لكن إذا كانت متنقلة، وصار كل ليلة يحتمل أن تكون هي ليلة القدر صار الإنسان يقوم كل العشر، ومن الحكمة في ذلك أن فيه اختباراً للنشيط في طلبها من الكسلان.
5⃣المبحث الخامس: في سبب تسميتها ليلة القدر.
فقيل: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله ـعزّ وجل ـ، وبيان إتقان صنعه، وخلقه فهناك:
كتابة أولى وهذه قبل خلق السموات والأرض، بخمسين ألف سنة في اللوح المحفوظ، وهذه كتابة لا تتغير ولا تتبدل لقول الله تعالى: {{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ *}} [الرعد] أي: أصله الذي هو مرجع كل ما يكتب.
الكتابة الثانية عُمُرية، فيكتب على الجنين عمله، ومآله، ورزقه، وهو في بطن أمه، كما ثبت هذا في الحديث الصحيح حديث ابن مسعود المتفق عليه[(499)].
الكتابة الثالثة، الكتابة السنوية، وهي التي تكون ليلة القدر، ودليل هذا قوله تعالى: {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ *فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ *}} [الدخان] يفرق، أي: يفصل ويبين كل أمر حكيم، وأمر الله كله حكيم.
وقيل: سميت ليلة القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف؛ لقوله تعالى: {{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ *}} [القدر] .
وقيل: لأن للقيام فيها قدراً عظيماً، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [(500)] وهذا لا يحصل في قيام ليلة سوى ليلة القدر، فلو أن الإنسان قام ليلة الاثنين والخميس أو غيرهما، في أي شهر لم يحصل له هذا الأجر.
6⃣المبحث السادس: ورد أن من قام ليلة القدر غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: كل حديث ورد فيه «وما تأخر» غير صحيح؛ لأن هذا من خصائص النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ حتى أهل بدرٍ ما قيل لهم ذلك؛ بل قيل: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» [(501)]؛ لأنهم فعلوا هذه الحسنة العظيمة في هذه الغزوة، فصارت هذه الحسنة العظيمة كفارة لما بعدها، وما قاله ـ رحمه الله ـ صحيح.
قوله: «وأوتاره آكد» أي: أوتار العشر آكد؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «التمسوها في كل وتر» [(502)] فما هي أوتاره؟
📌الجواب: إحدى وعشرون، ثلاث وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، هذه خمس ليال هي أرجاها، وليس معناه أنها لا تكون إلا في الأوتار، بل تكون في الأوتار وغير الأوتار.
📛📛تنبيه: هنا مسألة يفعلها كثير من الناس، يظنون أن للعمرة في ليلة القدر مزية، فيعتمرون في تلك الليلة، ونحن نقول: تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة؛ لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع بها، والذي حث عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة القدر هو القيام الذي قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيه: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [(503)] ولم يرغب في العمرة تلك الليلة، بل رغب فيها في الشهر فقال: «عمرة في رمضان تعدل حجاً» [(504)] فتخصيص العمرة بليلة القدر، أو تخصيص ليلة القدر بعمرة هذا من البدع.
ولما كانت بدعة صار يلحق المعتمرين فيها من المشقة الشيء العظيم، حتى إن بعضهم إذا رأى المشقة في الطواف، أو في السعي انصرف إلى أهله، وكثيراً ما نُسْأَلُ عن هذا، شخص جاء يعتمر ليلة السابع والعشرين، فلما رأى الزحام تحلل، فانظر كيف يؤدي الجهل بصاحبه إلى هذا العمل المحرم، وهو التحلل من العمرة بغير سبب شرعي.
إذاً ينبغي لطلبة العلم، بل يجب عليهم أن يبينوا هذه المسألة للناس.
أما إكمال هذه العمرة فواجب؛ لأنه لما شرع فيها صارت واجبة، كالنذر أصله مكروه ويجب الوفاء به إذا التزمه، ولا يحل له أن يحل منها، وإنما البدعة هي تخصيص العمرة بتلك الليلة.
🌿قوله: «وليلة سبع وعشرين أبلغ» أي: أبلغ الأوتار وأرجاها أن تكون ليلة القدر، لكنها لا تتعين في ليلة السابع والعشرين.
🔄فإن قال قائل: هل ينال الإنسان أجرها، وإن لم يعلم بها؟
⬅فالجواب: نعم، ولا شك، وأما قول بعض العلماء إنه لا ينال أجرها إلا من شعر بها فقول ضعيف جداً؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً» [(505)] ولم يقل عالماً بها، ولو كان العلم بها شرطاً في حصول هذا الثواب لبينه الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
7⃣المبحث السابع: في علامات ليلة القدر.
ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات لاحقة.
🎀أما علاماتها المقارنة فهي:
1 ـ قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
2 ـ الطمأنينة، أي: طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة، وانشراح صدر في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي.
3 ـ قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً[(506)].
4 ـ أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة.
5 ـ أن الإنسان يجد في القيام لذة ونشاطاً، أكثر مما في غيرها من الليالي.
أما العلامات اللاحقة:
فمنها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام[(507)].
وأما ما يذكر أنه يقل فيها نباح الكلاب، أو يعدم بالكلية، فهذا لا يستقيم، ففي بعض الأحيان ينتبه الإنسان لجميع الليالي العشر، فيجد أن الكلاب تنبح ولا تسكت، فإن قال 〽قائل ما الفائدة من العلامات اللاحقة؟ فالجواب: استبشار المجتهد في تلك الليلة وقوة إيمانه وتصديقه، وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في تلك الليلة.
: 🌿قوله: «ويدعو فيها بما ورد» أي: يستحب أن يدعو فيها بما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ومنه: «اللهم إنك عفو تحبّ العفو فاعف عني» لحديث عائشة أنها قالت: أرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فما أقول فيها؟ قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» [(508)] فهذا من الدعاء المأثور، وكذلك الأدعية الكثيرة الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يمنع من الزيادة على ما ورد فالله ـ عزّ وجل ـ قال: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ أَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *}} [الأعراف: 55] وأطلق، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى شراك نعله» [(509)] والناس لهم طلبات مختلفة متنوعة فهذا مثلاً يريد عافية من سقم، وهذا يريد غنى من فقر، وهذا يريد النكاح من إعدام، وهذا يريد الولد، وهذا يريد علماً، وهذا يريد مالاً، فالناس يختلفون.
وليعلم أن الأدعية الواردة خير وأكمل وأفضل من الأدعية المسجوعة، التي يسجعها بعض الناس، وتجده يطيل، ويذكر سطراً أو سطرين في دعاء بشيء واحد ليستقيم السجع، لكن الدعاء الذي جاء في القرآن أو في السنة، خير بكثير مما صنع مسجوعاً، كما يوجد في بعض المنشورات.
باب الإعتكاف
🌿قوله: «هو لزوم مسجد لطاعة الله» خرج به لزوم الدار، فلو اعتكف في بيته، وقال: لا أخرج إلى الناس فأفتتن بالدنيا، ولكن أبقى في بيتي معتكفاً فهذا ليس اعتكافاً شرعياً، بل يسمى هذا عزلة، ولا يسمى اعتكافاً.
وهل العزلة عن الناس أفضل أم لا؟
الجواب، في هذا تفصيل:
〽فمن كان في اجتماعه بالناس خير، فترك العزلة أولى، ومن خاف على نفسه باختلاطه بالناس لكونه سريع الافتتان قليل الإفادة للناس، فبقاؤه في بيته خير، والمؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم.
〽وخرج به أيضاً لزوم المدرسة، ولزوم الرباط، لو كان هناك ربط لطلبة العلم يسكنونها ويبقون فيها، فإن لزومها لا يعتبر اعتكافاً شرعاً.
وخرج به لزوم المصلى، فلو أن قوماً في عمارة ولها مصلى، وليس بمسجد فإن لزوم هذا المصلى لا يعتبر اعتكافاً.
〽والدليل على ذلك، قوله تعالى: {{وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}} [البقرة: 187] فجعل محل الاعتكاف المسجد.
مسألة:
: 🎀وهل ينافي روح الاعتكاف أن يشتغل المعتكف في طلب العلم؟
📌الجواب: لا شك أن طلب العلم من طاعة الله، لكن الاعتكاف يكون للطاعات الخاصة، كالصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، وما أشبه ذلك، ولا بأس أن يَحضر المعتكف درساً أو درسين في يوم أو ليلة؛ لأن هذا لا يؤثر على الاعتكاف، لكن مجالس العلم إن دامت، وصار يطالع دروسه، ويحضر الجلسات الكثيرة التي تشغله عن العبادة الخاصة، فهذا لا شك أن في اعتكافه نقصاً، ولا أقول إن هذا ينافي الاعتكاف.
🌿وهو مسنون في كل وقت، هكذا قال المؤلف وغيره، حتى لو أردت الآن ـ ونحن في شهر جمادى ـ أن تعتكف غداً أو الليلة وغداً، يكون ذلك مسنوناً، ما لم يشغل عما هو أهم، فإن شغل عما هو أهم، كان ما هو أهم أولى بالمراعاة.
📛وهذه المسألة فيها نظر؛ لأننا نقول الأحكام الشرعية تتلقى من فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولم يعتكف الرسول صلّى الله عليه وسلّم في غير رمضان إلا قضاءً، وكذلك ما علمنا أن أحداً من أصحابه اعتكفوا في غير رمضان إلا قضاءً، ولم يرد عنه لفظ عام أو مطلق، في مشروعية الاعتكاف كل وقت فيما نعلم، ولو كان مشروعاً كل وقت لكان مشهوراً مستفيضاً لقوة الداعي لفعله وتوافر الحاجة إلى نقله وغاية ما ورد أن عمر بن الخطاب استفتى النبي صلّى الله عليه وسلّم «بأنه نذر أن يعتكف ليلة أو يوماً وليلة في المسجد الحرام فقال: أوف بنذرك»[(515)] ولكن لم يشرع ذلك لأمته شرعاً عاماً، بحيث يقال للناس: اعتكفوا في المساجد في رمضان، وفي غير رمضان فإن ذلك سنة.
🌿فالذي يظهر لي أن الإنسان لو اعتكف في غير رمضان، فإنه لا ينكر عليه بدليل أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أذن لعمر بن الخطاب أن يوفي بنذره ولو كان هذا النذر مكروهاً أو حراماً، لم يأذن له بوفاء نذره، لكننا لا نطلب من كل واحد أن يعتكف في أي وقت شاء، بل نقول خير الهدي هدي محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يعلم أن في الاعتكاف في غير رمضان، بل وفي غير العشر الأواخر منه سنة وأجراً لبينه للأمة حتى تعمل به؛ لأنه قد قيل له: {{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}} [المائدة: 67] ، 〰وانظر في حديث أبي سعيد اعتكف الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «العشر الأول، ثم الأوسط، ثم قيل له: إن ليلة القدر في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر»[(516)] ولم يعتكف السنة الثانية العشر الأول، ولا الأوسط، مع أنه كان زمناً للاعتكاف من قبل، والشهر شهر اعتكاف.
وعلى هذا فإنه لا يسن الاعتكاف، أي: لا يُطلب من الناس أن يعتكفوا إلا في العشر الأواخر فقط، لكن من تطوع وأراد أن يعتكف في غير ذلك، فإنه لا ينهى عن ذلك، استئناساً بحديث عمر ـ رضي الله عنه ـ، ولا نقول: إن فعله بدعة، لكن نقول: الأفضل أن تقتدي بالرسول صلّى الله عليه وسلّم.
🎌ولحديث عمر نظائر:
منها: الرجل الذي كان يقرأ بأصحابه فيختم بـ{{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *}}، لم ينكر عليه الرسول صلّى الله عليه وسلّم[(517)]، لكنه لم يشرع ذلك لأمته، فلا يشرع للإنسان كلما قرأ في صلاة أن يختم بـ{{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *}}، كما فعل هذا الرجل لكن لو فعل لم ينكر عليه.
〰ومنها: سعد بن عبادة رضي الله عنه «استأذن النبي صلّى الله عليه وسلّم في أن يجعل مخرافه في المدينة صدقة لأمه فأذن له»[(518)] ، لكن لم يقل للناس تصدقوا عن أمهاتكم بعد موتهن حتى يكون سنة مشروعة، ففرق بين هذا وهذا.
〽فإن قال قائل: أليست السنة ثبتت بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم وفعله وإقراره، فالجواب بلى، ولذلك قلنا: لو فعل أحد فعل الرجل الذي كان يختم بـ{{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *}}[(519)] أو تصدق بشيء عن أمه لم ينكر عليه اتباعاً لسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث أقر ذلك، ولولا إقراره عليه لأنكرنا على فاعله.
🎀مسألة:
من اعتكف اعتكافاً مؤقتاً كساعة، أو ساعتين، ومن قال: كلما دخلت المسجد فانو الاعتكاف، فمثل هذا ينكر عليه؛ لأن هذا لم يكن من هدي الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
💝وَيَصِحُّ بِلاَ صَوْمٍ وَيَلْزَمَانِ بِالنَّذْرِ ..........
🌿قوله: «ويصح بلا صوم» أي: يصح الاعتكاف بلا صوم.
وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: أنه لا يصح الاعتكاف إلا بصوم.
واستدلوا بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يعتكف إلا بصوم[(520)] إلا ما كان قضاءً.
📌القول الثاني: أنه لا يشترط له الصوم، واستدلوا بحديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ، وبأنهما عبادتان منفصلتان، فلا يشترط للواحدة وجود الأخرى.
🎌وهذا القول هو الصحيح.
لكن ما الفائدة من قولنا: يصح بلا صوم، وقد قلنا: ليس مشروعاً إلا في رمضان في العشر الأواخر؟
✔الجواب: الفائدة لو كان الإنسان مريضاً يباح له الفطر فأفطر، ولكن أحب أن يعتكف في العشر الأواخر فلا بأس؛ وهنا صح بلا صوم.
لو قال قائل: هل يؤخذ من قضاء النبي صلّى الله عليه وسلّم للاعتكاف في شوال أن الاعتكاف واجب عليه؟
✔فالجواب: أن ذلك لا يؤخذ منه؛ لأن من هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه إذا عمل عملاً أثبته؛ حتى إنه لما فاتته سنة الظهر حين جاءه الوفد، قضاها بعد العصر[(521)]، وأثبت هذا العمل.
📌الدليل على مشروعية الاعتكاف للنساء، اعتكاف زوجات الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وبعد مماته[(524)].
لكن إن خيف فتنة فإنها تمنع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم منع فيما دون ذلك، فإنه لما أراد أن يعتكف صلّى الله عليه وسلّم خرج ذات يوم، وإذا خباء لعائشة، وخباء لفلانة، وخباء لفلانة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «آلبر يردن» ؟! ثم أمر بنقضها، ولم يعتكف تلك السنة، وقضاه في شوال[(525)] وهذا يدل على أن اعتكاف المرأة إذا كان يحصل فيه فتنة، فإنها تمنع من باب أولى.
مسألة:
ماهي شروط اﻻعتكاف؟
🌼شروط الاعتكاف:
1⃣أن يكون في مسجد.
2⃣أن يكون من مسلم.
3⃣أن يكون من عاقل ولو مميز.
4⃣أن يكون لا غسل عليه.
5⃣أن يكون اللبث لطاعة الله وعبادته عز وجل.
6⃣أن لا تكون مدة اعتكافه أقل من ساعة.
🌿قوله: «ومن نذر زمناً معيناً دخل معتكفه قبل ليلته الأولى، وخرج بعد آخره» .
〰مثاله: نذر أن يعتكف العشر الأول من رجب، فإنه يدخل عند غروب الشمس من آخر يوم من جمادى الآخرة.
وإذا نذر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فإنه يدخل عند غروب الشمس من يوم عشرين من رمضان، ولهذا قال: «دخل معتكفه قبل ليلته الأولى» .
ويخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من الزمن الذي عينه.
〰مثال آخر: لو قال: لله علي نذر بأن أعتكف الأسبوع القادم، فإنه يدخل عند غروب الشمس يوم الجمعة، ويخرج بعد غروب الشمس ليلة السبت؛ لأنه لا يتم أسبوعاً إلا بتمام سبعة أيام، ولا يتم سبعة أيام إلا إذا بقي إلى غروب الشمس من يوم الجمعة.
🌿قوله: «ولا يخرج المعتكف إلا لما لا بد لَهُ منه» أي: لا يخرج من المسجد الذي يعتكف فيه.
شرع المؤلف ـ رحمه الله ـ في بيان حكم خروج المعتكف من معتكفه، فذكر قسمين:
📌القسم الأول : أن يخرج لما لا بد له منه حساً أو شرعاً، فهذا جائز سواء اشترطه أم لا.
✔مثال الأول: الأكل والشرب، والحصول على زيادة الملابس إذا اشتد البرد، وقضاء الحاجة من بول أو غائط، وهذا مما لا بد له منه حساً.
ومثال الثاني: أن يخرج ليغتسل من جنابة، أو يخرج ليتوضأ فهذا لا بد له منه شرعاً.
وقد سألني بعض من يعتكف في المسجد الحرام، وقال: إذا أردنا حضور درس علمي يقام في سطح المسجد، لا نستطيع ذلك أحياناً، إلا إذا خرجنا من المسجد ودخلنا من باب آخر فهل يبطل الاعتكاف بهذا؟
فقلت: إنه لا يبطل بذلك؛ لأن هذا لحاجة، ولأنه ليس خروج مغادرة، ولكنه يريد بذلك الدخول للمسجد وقد سألت الشيخ عبد العزيز بن باز، فقال كما قلت.
قوله: «ولا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة إلا أن يشترطه» هذا هو القسم 📌الثاني من خروج المعتكف وهو خروجه لمقصود شرعي له منه بد.
〰مثاله: عيادة المريض وشهود الجنازة؛ لأن عيادة المريض له منها بد لكونها سنة يمكن للإنسان أن يدعها ولا يأثم، وكذلك شهود الجنازة، لكن لو فرض أنه تعين عليه أن يشهد جنازة بحيث لم نجد من يغسله، أو من يحملها إلى المقبرة، صار هذا من الذي لا بد منه.
📛وعلم من قوله: «إلا أن يشترطه» جواز اشتراط ذلك في ابتداء الاعتكاف، فإذا نوى الدخول في الاعتكاف، قال: أستثني يا رب عيادة المريض أو شهود الجنازة.
📛ولكن هذا لا ينبغي، والمحافظة على الاعتكاف أولى، إلا إذا كان المريض أو من يتوقع موته، له حق عليه، فهنا الاشتراط أولى، بأن كان المريض من أقاربه الذين يعتبر عدم عيادتهم قطيعة رحم، فهنا يستثني، وكذلك شهود الجنازة.
🎀مسألة:
لو شرع في الاعتكاف على سبيل النفل، ثم مات والده، أو مَرِضَ، فهل له قطعهُ؟
〰الجواب: له قطعه؛ لأن استمراره فيه سنة، وعيادة والده أو قريبه الخاص قد تكون واجبة؛ لأنها من صلة الرحم، وكذلك شهود جنازته.
📌تتمة : بقي قسم ثالث في خروج المعتكف وهو الخروج لما له منه بدٌ وليس فيه مقصود شرعي، فهذا يبطل به الاعتكاف سواء اشترطه أم لا، مثل أن يخرج للبيع والشراء والنزهة ومعاشرة أهله ونحو ذلك.
مسألة
ما حكم التتابع في اﻻعتكاف اذا نذر زمنا معينا؟
🌿الجواب: إذا نذر زمناً معيناً لزمه التتابع لضرورة تعيين الوقت، فإذا قال: لله علي نذر أن أعتكف الأسبوع القادم، لزمه التتابع، وإن قال: لله علي نذر أن أعتكف العشر الأول من شهر كذا، يلزمه التتابع، وإن قال: لله عليَّ أن أعتكف الشهر المقبل يلزمه التتابع لضرورة التعيين.
أما إذا نذر عدداً بأن قال: لله علي أن أعتكف عشرة أيام، أو أسبوعاً أو شهراً ولم يعين الأسبوع ولا الشهر، فله أن يتابع وهو أفضل، وله أن يفرق؛ لأنه يحصل النذر بمطلق الصوم إن كان صوماً، أو بمطلق الاعتكاف إن كان اعتكافاً.
وكذلك يلزمه التتابع إذا نواه لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» [(534)].
〰والحاصل، أنه إذا نذر عدداً، فإما أن يشترط التتابع بلفظه، أو لا، فإن اشترطه فيلزمه، وإن لم يشترطه فهو على ثلاثة أقسام:
📌الأول: أن ينوي التفريق؛ فلا يلزمه إلا مفرقة.
📌الثاني: أن ينوي التتابع، فيلزمه التتابع.
📌الثالث: أن يطلق فلا يلزمه التتابع، لكنه أفضل؛ لأنه أسرع في إبراء ذمته.
أما إذا نذر أياماً معينة فيلزمه التتابع.
مسألة:
ماهي مفسدات الاعتكاف؟
مفسدات الاعتكاف:
وطء في فرج
إنزال بالمباشرة دون فرج
خروجه لما له منه بد
🎀مسألة:
هل يجوز أن يزور المعتكفَ أحدٌ من أقاربه ويتحدث إليه ساعة من زمان؟
〰الجواب: نعم؛ لأن صفية بنت حيي زارت النبي صلّى الله عليه وسلّم في معتكفه، وتحدثت إليه ساعة[(542)] وهو مما يعني الإنسان أن يتحدث إلى أهله؛ لأنه إذا تحدث إليهم أدخل عليهم السرور، وحصل بينهم الألفة، وهذا أمر مقصود للشرع، ولهذا ينبغي ألا يكون الإنسان منا كلاً، يجلس إلى أهله لا يكلمهم، ولا يتحدث إليهم، إن كان طالب علم فكتابه معه، وإن كان عابداً يقرأ القرآن أو يذكر الله ولا يتكلم، ثم إذا سُئل لماذا لا يتكلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» [(543)].
نقول له: النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «فليقل خيراً» والخير إما أن يكون في ذات الكلام، أو في غيره مما يؤدي إليه الكلام، ولا شك أنك إذا تكلمت مع أهلك، أو مع أصحابك بكلام مباح في الأصل وقصدك إدخال الأنس والسرور عليهم، صار هذا خيراً لغيره، وقد يكون خيراً لذاته أيضاً مثل أن يلقي عليهم مسألة فقهية أو قصة يعتبرون بها، أو نحو ذلك، فالمهم أن تجتنب ما لا يعنيك، ولا شك أن ذلك خير للمعتكف ولغيره.
وقد سمعنا أن واحداً من الناس قال: أنا لن أتكلم بكلام الآدميين أبداً، لا أتكلم إلا بكلام الله فإذا دخل إلى بيته وأراد من أهله أن يشتروا طعاماً قال: {{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ}} [الكهف: 19] .
وقد قال أهل العلم: يحرم جعل القرآن بدلاً من الكلام، وأنا رأيت زمن الطلب قصة في جواهر الأدب، عن امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن، وتعجب الناس الذين يخاطبونها، فقال لهم من حولها: لها أربعون سنة لم تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل فيغضب عليها الرحمن.
نقول: هي زلَّت الآن، فالقرآن لا يجعل بدلاً من الكلام، لكن لا بأس أن يستشهد الإنسان بالآية على قضية وقعت كما يذكر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يخطب فخرج الحسن والحسين يمشيان ويعثران بثياب لهما فنزل فأخذهما، وقال صدق الله: {{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ}}»[(544)] [التغابن: 15] فالاستشهاد بالآيات على الواقعة إذا كانت مطابقة تماماً لا بأس به.
11:34AM, 13 Mar - وردة لاهور: 🎀وقوله: «إن وطئ في فرج فسد اعتكافه» .
📌علم من أنه إذا وطئ في غير فرج، مثل أن وطئ زوجته بين فخذيها، فإنه لا يفسد اعتكافه قالوا إلا أن ينزل؛ لأن المحرَّمَ الجماع، أما مقدماته فتحرم تحريم الوسائل.
😍مسألة: لو اشترط عند دخوله في المعتكف أن يجامع أهله في اعتكافه لم يصح شرطه؛ لأنه محلِّلٌ لما حرم الله، وكل شرط أحل ما حرم الله فهو باطل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط» [(540)].
ملخص لباب الإعتكاف
✨ الاعتكاف لغة لزوم الشيء ،
واصطلاحا : اللبث في المسجد بنية الاعتكاف .
✨ فضل الاعتكاف : سنة وقربة بالكتاب والسنة والإجماع ؛ وفيه من القرب : ١/ المكث في بيت الله ٢/ حبس النفس على عبادة الله ٣/ قطع العلائق عن الخلائق ٤/ إخلاء القلب من الشواغل عن ذكر الله ٥/ التحلي بأنواع العبادات المحضة من الذكر والفكر وقراءة القرآن والصلاة والدعاء والتوبة والاستغفار .
💫 وفي ذكره بعد الصوم إرشاد وتنبيه على الاعتكاف في الصيام أو في آخر شهر الصيام كما هو ثابت من فعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعهم .
💫 ممن يصح الاعتكاف ؟
يصح من المسلم العاقل الذي لا غسل عليه .
- ولا يصح الاعتكاف إلا بنية .
✨ أقل الاعتكاف : ساعة . وقيل يوم وليلة، والمستحب أن لا يقل عنه خروجا من الخلاف .
✨ أركان الاعتكاف : ١/ معتكِف ٢/ ومعتكَف فيه ٣/ ولبث ٤/ ونية .
- ولا يسمى خلوة بل جوارا .
- وهو مسنون كل وقت إجماعا .
- وهو مسنون للرجال والنساء
- وهو آكد في رمضان ، والثابت من اعتكافه صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر
- ويصح الاعتكاف بلا صوم وهو المذهب ومذهب الشافعية .
- ويلزم الصوم والاعتكاف بنذر التبرر ويصح إن علقه بشرط ، أما إن كان نذر لجاج وغضب فيخير بين الوفاء به أو الكفارة .
- ولا يجوز لزوجة بلا إذن زوجها ولا لقن بلا إذن سيده . وللزوج والسيد إخراجهما من تطوع مطلقا سواء أذنا لهما أم لم يأذنا شرعا أم لم يشرعا .
ويجوز إخراجهما من نذر بلا إذن ولا يجوز مع الإذن .
- ولا يصح إلا في مسجد تقام فيه جماعة لمن تجب عليه الجماعة أما المرأة فيصح اعتكافها في أي مسجد وكذا من اعتكف من الشروق إلى الزوال مثلا لكن لا يصح في بيتها .
- ويسن استتار معتكفة بخباء في مكان لا يصلي فيه الرجال ، ويباح للرجل .
- والأفضل الاعتكاف في جامع لرجل تخلل صلاته جمعة ولا يلزمه ذلك .
ويجب عليه الخروج لها إن لم يعتكف فيه .
- ولا يصح اعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة فقط .
- من نذر الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة لم يلزمه فيه ،
ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في المسجد الأفضل لم يجز فيما دونه والعكس بالعكس .
- ومن نذر في جامع لم يجزئه في مسجد .
- من نذر زمنا معينا دخل معتكفه قبل ليلته الأولى ويخرج بعد غروب شمس آخر يوم منه .
- ومن نذر يوما دخل قبل الفجر ويخرج بعد غروب الشمس
* هل يجوز خروجه للأكل والشرب في بيته ؟ لا يجوز . وعند الشافعي يجوز .
- ويخرج لمرض يتعذر معه القيام أو لا يمكنه إلا بمشقة شديدة .
- لا يخرج المعتكف لكل قربة لم تتعين عليه، وماله منه بد إلا إذا شرطه في ابتداء اعتكافه.
- يحرم على المعتكف الجماع ، وإذا جامع بطل اعتكافه إجماعا .
- ليس للاعتكاف ذكر مخصوص ولا فعل آخر سوى اللبث في المسجد بنية الاعتكاف ، وأجمعوا على أنه يستحب له ذكر الله وقراءة القرآن والصلاة .
- وله أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يكثر .
من درر العلامة ابن باز رحمه الله تعالى
♦باب صوم التطوع♦
🔷أيام التشريق أيام أكل وشرب لا تصام ولا يجب صومها إلا لمن عجز عن هدي التمتع أو القران ما لم يصم في الأيام التي قبلها.
(15/379- 380).
🔷من كانت عادته صيام الأيام البيض فلا يجوز له أن يصوم الثالث عشر من ذي الحجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق. (15/380- 381).
🔷المشروع للمؤمن والمؤمنة صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإن صامها في الأيام البيض كان أفضل، وإن صامها في بقية الشهر كله كفى ذلك، وحصل المقصود وحصلت السنة. (15/382).
🔷يشرع للمسلم أن يصوم أيام البيض حسب التقويم، عملاً بغالب الظن. (15/383).
🔷حديث: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان» صحيح، كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة. (15/385).
🔷من صام يومين من الأيام البيض فلا شك أنه يحسب له أجرهما، إذا كان صامهما لله سبحانه لا رياء ولا سمعة. (15/386).
🔷لا حرج في صوم الإثنين دون الخميس أو العكس، وصيامهما سنة وليس بواجب، فمن صامهما أو أحدهما فهو على خير عظيم، ولا يجب الجمع بينهما، بل ذلك مستحب. (15/387).
🔷صيام الإثنين والخميس أفضل وأكثر أجراً من صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الثلاثة أيام داخل في ذلك. (15/387).
🔷صيام ست من شوال سنة وليست فريضة، ولا حرج في صيامها متتابعة أو متفرقة، والمبادرة بها أفضل، ولا تجب المداومة عليها ولكن ذلك أفضل، ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال، لأنها سنة فات محلها سواءً تركت لعذر أو لغير عذر. (15/389).
➖🔹➖🔹➖ 🔹 ➖
الخاتمة
إن ما كتب في هذا الملف يحتمل الخطأ والصواب، فما كان من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن أنفسنا المقصرة والشيطان،وهو جهد طالبات كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
أسال الله أن ينفعني وإياكم بالعلم النافع وأن يوفقنا للعمل الصالح وقبله االإخلاص له تبارك وتعالى.
للملاحظات والنقد: kholahafiz@gmail.com
مدونة شرعية تحتوي على معلومات في مختلف مجالات الشريعة من مقالات وبحوث ومعلومات دينية!
المشاركات الشائعة
-
المحاسبة قضية مهمة للغاية ، تدور عليها السعادة ولا يحصل الصلاح إلا بها.. محاسبة النفس أمر عظيم جداً، المحاسبة لا تصلح النفس إلا بها، المح...
-
الطريقة السليمة لكتابة البحوث هنـا http://www.ibnalislam.com/vb/showthread.php?t=560
-
بسم الله الرحمن الرحيم تلخيص مسألة ماهو أقل الجمع؟ - تحرير محل النزاع : محل الخلاف إنما هو في اللفظ الذي هو مسمى بالجمع نحو "الرجال...
-
البحث الأصولي أثر الجهل على التكليف http://www.4shared.com/file/X6-O5apy/_____.html خطة البحث: تشمل خطة البحث على مقدمة ، وعلى التمهيد...
-
المستوى الأول: فقه:أ/سارة اليحي أصول الفقه:أ/أروى العميريني النحو:أ/هلة الزماي القرآن:أ/منيرة الدوسري العقيدة:أ/منال الهويدي التفسير:أ...
-
📌 الدرس الأول :مدخل كتاب التوحيد ♨الدرس مفرغ كتابة هنا http://tadbur.com/up/do.php?id=1850 ♨للاستماع للدرس https://www.youtube.com/wa...
-
هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب ؟ صورة المسألة: أنه إذا ورد في القرآن أو السنة خطاب بحكم معين واللفظ يقتضي العموم في جميع الأسباب وال...
-
دعاء يحول حياتك الى جنة من قال مستحيل قلت له:جرب اذا ارسلت هذا الدعاء لكل الي عندك كل من قرأ هذاالدعاء هناك ملك يقول ولك مثل اجره يعني...
-
آللّهُمَ طَهِرّ قَلّبِیۓِ .. ۆآشّرَح صَدّرِیۓِ ۆآسّعِدّنِیۓِ ۆتَقَبّل صَلّٱتِیۓِ ...ۆجَمِيّع طَآعَآتِیۓِ .. ۆ...
-
السلاآم عليكم ورحمةة الله وبركاآته،؛ أحاديث منتشرة وهي غير صحيحة المجموعة الأولى: 1/ من قرأ الدعاء في أي وقت فكأنه حج 360 وختم 360.... h...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق